الحقيقة المسكوت عنها : الإعلام الألماني
ومستخدمي الإعلام الفلسطيني
فلسطين ، قلب العالم القديم ، تقع في الجنوب الغربي من قارة آسيا في المنطقة الجنوبية من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط . القرى والمدن والبلدات الصغيرة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة تحظي بتاريخ فريد من نوعه ومواقع جميلة .
برغم هذا الجمال فهناك الحقيقة المحزنة عن الصراع القائم بين فلسطين وإسرائيل، والذي يؤدى إلي صعوبة حياة المواطن .
الأراضي الفلسطينية مقسمة إلي كل من قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. يدار قطاع غزة بواسطة السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس ، في الوقت الذى تسيطر فيه إسرائيل علي حدود القطاع. كذلك تدار الضفة الغربية في بعض المناطق عن طريق السلطة الوطنية الفلسطينية بينما مناطق أخرى تحت ادارة إسرائيل. إن التقسيم الجغرافي والسياسي لفلسطين هو في معظمه نتيجة للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني القائم . هذا الصراع الذي اندلع كمجموعة من الحروب في 1948 يحركه جانبان
من المطالبات المتنافسة علي الأرض. في 1948 وبعد إعلان إسرائيل استقلالها غادر 750,000 فلسطيني المناطق المحتلة وأصبحوا لاجئين . واليوم وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلي 5 مليون لاجيء ، حسب تقديرات منظمة الأونروا . أكثر من 1.5 مليون فلسطيني يعيشون في 58 معسكر معترف به لللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان
وسوريا . قطاع كبير من الفلسطينيين يعيشون خارج منطقتهم ومقيمون في جميع أنحاء العالم . ويطلق علي هذا التشتت الشامل الشتات الفلسطيني . من ضمن الفلسطينيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي تحظي برلين عاصمة ألمانيا بأكبر جالية فلسطينية ، تعدادها حوالي 30,000.
كثير من الفلسطينيين المقيمين في برلين ، مثل يونس ، بياتريس و قاسم يستخدمون الإعلام الألماني كمصدر رئيسي للمعلومات عن فلسطين . لكن ما هو الإحساس بقراءة قصتهم الخاصة ، وحكايات الآباء والأجداد ، عن طريق الإعلام الألماني ؟ يونس : للحصول علي معلومات
عن فلسطين أبدأ أولا باستخدام هاتفي المحمول . حسنا ،أعلم أنه يجب علي الانتباه ، لأنه عليك أن أن تقبل مصادر الإعلام الألمانية عن فلسطين بقليل من الملح. أعني أنهم متحيزون لجانب واحد. ما ينقص الإعلام الألماني هو الجانب الفلسطيني .
بياتريس :إن غياب المعلومات ، كما أظن ، هو السبب في أن الشعب الألماني ليست لديه دراية كافية عن الوضع في فلسطين . أصدقائي ، كمثال ، لا يكادون يعلمون شيئا مما يحدث هناك وسبب حدوثه. قاسم : وهكذا فإنه من الأسهل تأييد إسرائيل ، مهما يفعلون . فهو أفضل من التحدث عن دراما الهولوكوست وسبب حدوثه ،
اعتدت أن أقرأ كثيرا باللغة الألمانية ، لأنك تريد أن تتعرف علي المجتمع ، وتريد أن تعرف كيف يفكرون ، وكيف يرون فلسطين والفلسطينيين، ودائما في البداية يصيبك الانزعاج لكن مع الوقت يصيبك اليأس لأن المسألة عبارة عن نمط محددغير قابل للتغيير. هل يدركون حقيقة
ما يسمعون أو يقرأون ؟ يونس : المشكلة الأساسية أنه حين يتعلق الأمر بالتقارير عن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني أي نقد لإسرائيل يعتبر عداء للسامية. لكن هذا ادعاء زائف وكاذب. إن نقدي لإسرائيل ، كدولة ، لا يعني أبدا أنني أدين طائفة دينية بأكملها، أو أنني أكرههم. يبدو أن الإعلام الألماني يكيل بمكيالين .
إنهم يدعون بأهمية حقوق الإنسان ، لكنهم لا يعنون اطلاقا بحقوق الإنسان الفلسطيني . وهو ما يجعلني ، كألماني ، أضع الإعلام الألماني ككل موضع الشك . هل ما يقولون هو الحقيقة فعلا؟
بياتريس : أحيانا ، إذا حالفني الحظ ، يتسم الناس بالحياد قائلين : “نعم ، إن الطرفين يعانيان .” لكن غالبا ما يتم تصوير الفلسطينيين كإرهابيين. أتمني لو أن الإعلام الألماني يصبح أكثر حيادية مما هو عليه حاليا. قاسم : أين أرى نفسي في الإعلام الألماني ؟ أقول ، أنا لا أرى نفسي علي الإطلاق ، إنه كما لو أن الفلسطينيين ليس لهم وجود ، حكايات الفلسطينيين ليست لها وجود في الإعلام الألماني . في الواقع أتمني لو أن الصحفيين الألمان يذهبون لمرة واحدة
إلي فلسطين. شاهد نقاط التفتيش ، شاهد العذاب اليومي الذى يمر به الناس يوميا في الضفة الغربية. اذهب إلي غزة . كيف يتم إظهارهم من خلال أطر التقارير ؟ يونس : إن التقارير عن فلسطين هي مجرد عشرون ثانية عن الصراع ككل وعليها يؤسس الناس آراءهم ، لكن الأمر لا يستقيم هكذا.
بياتريس : نحن نعتقد أنه يوجد في ألمانيا حرية تعبير. ولكن هل هذا حقيقي؟ عندما يكون هناك مسيرة من أجل فلسطين في ألمانيا ، يقوم الإعلام والصحافة بالتحدث فقط عن الجوانب السلبية فيها .
في كل مرة أشترك فيها في احدى المسيرات وأقول شيئا جيدا عن الفلسطينيين ، أجد نفسي متهمة بأشياء أخري أيضا وهي ليست صحيحة بالمرة. مثل أنني معادية للسامية كمثال . في رأيي، أن هذا الصراع يتم إظهاره في الإعلام علي أنه صراع ديني بين اليهود والمسلمين ، حتي وإن لم يرتكز علي الدين علي الإطلاق ، إنه ليس صراعا دينيا ، بل له أسباب جوهرية مختلفة. لكن هل يستطيع أي صحفي أن يجد تفسيرا
لأسئلة المذيعين وبياناتهم الصريحة ؟ سألنا نيك سبايسر نيك سبايسر : طبعا هناك تفسير ، وهو تفسيرهائل ، إنه ليس فقط الافتتاحية ، أنت تعلم أن الإعلام الألماني ككل- كما أظن – موالي تماما لإسرائيل كما أن الجزيرة موالية للفلسطينيين. الجزيرة كانت المحطة الوحيدة التي لديها مراسلين هناك لأن لديهم التزاما مستمرا بتواجد مندوبيهم في غزة طوال الوقت .
المسألة هي في تحركات المراسلين. عندما تقرر وجود مراسلين في غزة أثناء عمليات إطلاق الرصاص لإرسال تقارير عن سقوط القنابل الفسفورية علي المدارس حيث كان الناس يحتمون ، إذا نعم ، فأنت تدع العالم يعرف عن شيء لن يعلموا به من الإعلام الألماني لأن الإعلام الألماني قد اتخذ قرارا بألا يرسل أحدا هناك.
وليس جيدا أن تكون في عاصمة الدولة ، التي تعلم بشكل أساسي أنها تستعمر الدولة الأخري وتستطيع أن تتحدث عن الدولة المستعمرة أو كما تعلم ، الدولة التي تحت الاحتلال طبقا لتوصيف القانون الدولي فهي دولة محتلة ، إذ أن مستعمرة كلمة شديدة الوقع. بالنسبة لفلسطين أظن أن المراسلين الألمان الذين يرسلون تقاريرهم أساسا من إسرائيل مع القيام أحيانا ببعض الرحلات
إلي فلسطين يعانون من إحساس فظيع بالذنب بسبب الحرب العالمية الثانية وما تعلموه في النظام التعليمي الألماني منذ المرحلة الابتدائية التي حفرت في نفوسهم فظائع الهولوكوست وهو ما يمثل نقطة البداية في معطيات أسلوب عمل الألمان في كل من فلسطين وإسرائيل. وتستطيع القول بثقة ، أنه يتم إتاحة 100 دقيقة للجانب الإسرائيلي و20 دقيقة فقط للجانب الفلسطيني في برنامج Tagesschau “ ” علي مدار شهر وهذا جيد . وهذا أمر غير قابل للمناقشة لكن كيف يقوم الناس بترجمته في الواقع، هل يتفحصون القصص التي تحتاج المزيد من البحث . إن تبني الأطر السليمة لتغطية الأخبار عن فلسطين ليس عملا سهلا بالنسبة للإعلام الألماني.
بسبب نقص الصحفيين في المناطق المحتلة ، فإن الوقت المخصص من الإعلام للتقارير عن غزة والضفة الغربية وكذلك الخلفية التاريخىة لألمانيا ذاتها يمكن أن يكون لها تأثيرفي ذلك. طبقا لمن قابلنا من الفلسطينيين ، فإن أسلوب تقارير الإعلام الألماني أحادي الجانب. وهو ما يظهرفي الإعلام صورة لفلسطين لا يرضون عنها.